التمسيك بالقرآن الكريم سبيل للصلاح والإصلاح

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله خاتم النبيئين وخصه بالقران ليكون اخر الكتب السماوية فيكون بذلك صالحا فيكون بذلك هذا الكتاب صالحا لكل زمان ومكان وهو ما نستنبطه من قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَالذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (الآية 170). تتناول هذه الآية الكريمة الثناء على المؤمنين من بني إسرائيل الذين تمسكوا بكتابهم التوراة، وأقاموا الصلاة، في الوقت الذي كان غيرهم من قومهم يخالفون عهد الله ويرتكبون المعاصي متوقعين المغفرة. هؤلاء المؤمنون الصالحون تكفل الله لهم بالأجر والثواب. ونظراً لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن هذه الآية تشمل كل المخاطبين بها في جميع الأزمان والأماكن.

أجمع أغلب المفسرين على أن كلمة “يمسكون” الواردة في الآية هي بمعنى يتمسكون، ف مسّك يمسّك تمسيكا تعني في معجم المعاني مسّك بالشيء أي أخذ به وتعلق. أما القرطبي فقد فسر “يمسّكون بالكتاب” بأنها تعني يمسّكون بالتوراة أي العمل بها.

 قرأ أبو العالية وعاصم في رواية أبي بكر يمسكون بالتخفيف من أمسك يمسك لكن الأولى أولى لوجود معنى التكثير فيها. والمقصود التكثير في التمسك بكتاب الله تعالى ودينه. وعندما نقول التمسك بكتاب الله تعالى ودينه فإننا لا نقصد التوراة فقط وإنما نقصد القرآن الكريم، ذلك بأن الآية وإن وردت في خضم الحديث عن الفئة الصالحة المصلحة من بني إسرائيل فإنها تخص كل المخاطبين بها في كل زمان ومكان.

يقول سيد قطب في تفسير الآية: إن الصيغة اللفظية “يمسكون” تصور مدلولا يحس ويرى، إنها صورة القبض على الكتاب بقوة وجد وصرامة، وهذه الصورة هي التي يحب الله تعالى أن يؤخذ بها كتابه بدون تعنت ولا تزمت.

 حسب هذا المعنى فإن التمسك بكتاب الله يجب أن يكون علما وعملا وذلك من خلال التخلق بخلق القرآن والعلم بما فيه من أحكام وأخبار والعمل بأوامره والانتهاء عن نواهيه واتخاذه منهج حياة.

 كتاب الله هو الحبل المتين وهو الذكر الحكيم، فتربية جند الله ترتكز على الاستمساك بهذا الحبل، بهذه العروة التي من تمسك بها نجا. والحبل المتين هو الخيط الرفيع الذي يربط بين العبد وربه، فكلما زاد التمسك بكتاب الله ذكرا وعلما وعملا كلما زادت متانة ذلك الخيط وقوي الارتباط بين العبد وربه.

 ويضيف رحمه الله في معرض حديثه عن نتائج الاستمساك فيقول: ” القرآن ذكر يربي الإرادة، والقرآن شريعة تضبط علائق التنظيم، والقرآن دستور للحكم والعلم وتغيير للعالم”.

 نفهم إذا أن القرآن منهج متكامل يجمع بين تربية النفس وتقويتها وهو كذلك يشمل مجموعة من الضوابط التشريعية التي تنظم العلاقات الإنسانية، كما أنه دستور عادل للحكم والعلم وتغيير العالم. وقد ظهر أثر هدا المنهج جليا في الجيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم حين تمسكوا بكتاب الله وتشربوه خلقا وعملوا بما فيه بعد أن درسوه حق دراسته، فإنهم بتمسكهم ذاك حطموا باطل الشرك وحكموا الارض عدلا.

 بالعودة إلى الآية الكريمة نجد أن كلمة “يمسكون” تلتها كلمة “بالكتاب”، ف”يمسكون” فعل مضارع متعدي مع مفعول به محذوف. والتقدير يمسكون قومهم بالكتاب أي يدعونهم إلى التمسك بالكتاب. وفي ذلك يقول محمد أبو زهرة في كتابه زهرة التفاسير: (ومعنى التمسك به الإذعان لأحكامه والدعوة لهذا الإذعان والعمل به…. والتمسك به يتضمن معنى الدعوة إلى الاستمساك)

 وعليه ف”يمسكون بالكتاب” تعني التمسك بكتاب الله وتوثيق الصلة به من خلال حسن تلاوته وتعظيمه والتخلق بأخلاقه واتباع أوامره واجتناب نواهيه وتحكيمه في كل مسائلنا الدنيوية والاحتكام إليه عند الاختلاف. وبعد ذلك كله تأتي الدعوة إلى تمسيك الآخرين بالقرآن الكريم، فندعوهم أولا من خلال سمتنا وتخلقنا بخلق القرآن وندعوهم ثانيا بحثهم على تلاوته وتعلمه ونشر معانيه والتمسك به لكونه سبيل النجاة في الدنيا والآخرة.

 بالرجوع إلى الآية الكريمة {وَالذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} نجد أن التمسيك بالكتاب ورد مقترنا بإقامة الصلاة، وقد خصها الله في هذه الآية دونا عن باقي العبادات لأنها من أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات وهي داعية لإقامة غيرها من العبادات

 ورد في آخر الآية قوله تعالى “إنا لا نضيع أجر المصلحين” وفي ذلك تأكيد على ما ذكرناه سابقا في أن “يمسكون” تتجاوز في معناها التمسيك إلى الدعوة إلى التمسيك وتتجاوز الصلاح إلى الإصلاح.

نستخلص ان التمسك بالقران عملا مع إقامة الشعائر المفروضة هما سبيل النجاة والفوز في الحياه الدنيا والآخرة فمن ترك هذين السبيلين كانت حياته ضنكا وعاش كالأعمى يتخبط في الظلام النفسي وتلاطمه أمواج المشاكل والهموم الدنيوية ومن تمسك به واقام شرائعه عاش حياه هادئة وصغرت في عينيه الهموم رغم عظمها وصلح قلبه وطمئنت روحه.

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *